مـــدونـــة الأوهـــام الإســلامـــيــــة

{ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ، يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا }يعقوب 20:5

لماذا عدم رسامة المرأة كاهناً ؟

Posted by maryhana في 08/05/2012


لماذا عدم رسامة المرأة كاهناً ؟


بقلم| الحمامة الحسنة

ثار جدلٌ إعلامي حول ترسيم المرأة قساً، وحاول عدو الخير أن يبث سمومه كالعادة، وكأن الإعلام قد حلَّ كل مشاكل الأقباط ولم يتبقى له سوى أن يدِسِّ أنفه في صُلب طقوس الكنيسة وأسرارها المقدسة، لمحاولة إفتعال خلافات وهمية للإيحاء بوجود نزاعات بين الطوائف المسيحية! وهم يجهلون أن العقيدة المسيحية بكافة طوائفها تؤمن بإله واحد وكتاب مقدس واحد وكنيسة جامعة رسولية واحدة.

والكنيسة الإنجيلية ناقشت هذا الموضوع وتبنته من الناحية الحقوقية والمساواة بين الرجل والمرأة، رغم أن الله ساوى منذ بدء الخليقة بين الرجل والمرأة في كل الحقوق والواجبات، وإختلاف توزيع الأدوار بينهما لايعطي تمييزاً لطرف عن الطرف الأخر يستوجب المناداة بالمساواة، فالمساواة لاتخالف ولاتتعارض مع الترتيب الذي وضعه الله بين الرجل والمرأة منذ بداية الخليقة، فالجميع واحدٌ في المسيح أمام الله: «ليس ذكر و أنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع» «غل3: 28»

أما الكنائس التقليدية كالأرثوزكسية والكاثوليكية،فهم كنائس سرائرية «أي تقوم على خدمة الأسرار المقدسة» ويختلف فيها مفهوم القس وعمله عنه في الكنيسة الإنجيلية التي لاتعترف بـ «سِرِّ الكهنوت» كما صرح القس إكرام لمعي، وبالتالي فهي كنيسة ليست مخيرة لإختيار المرأة لممارسة سِرِّ الكهنوت بل تناقش ترسيمها قساً «كوظيفة»، فوظيفة القس الإنجيلي لاتحمل «رتبة كهنوتية» لهذا لايسمى القس «كاهناً»، بينما الكاهن في الكنائس السرائرية يحمل رُتبة « كهنوتية لخدمة باقي الأسرار المقدسة » بحسب « التسليم الرسولي» للكنيسة الأولي منذ تأسيسها وترسيمها طبقاً لنصوص الكتاب المقدس، فهي كنيسة الله السرائرية: «هكذا فليحسبنا الانسان كخدام المسيح و وكلاء سرائر الله» «كو4: 1» فالكاهن هو خادم ووكيل لله في ممارسة « السرائر أو الأسرار المقدسة»، وبالتالي لامجال للقول بأن الكنيسة تفرق بين الرجل والمرأة لأن الكهنوت ليس وظيفة بل خدمة لا يصلح لها كل الرجال بل المُعيَّنين من الله لأن يكونوا وكلاء على الأسرار الإلهية. و لم يحدث في تاريخ الكنيسة وقبلها الهيكل المقدس ولا في خيمة الإجتماع، أن صارت المرأة كاهنة، بل لم تقم المرأة بخدمة الكهنوت على مر التاريخ منذ بدء الخليقة، وهذا المنع في ترسيم المرأة ليس له علاقة بطبيعة تكوين المرأة كما قال بعض المغرضين والسطحيين الذين إستقوا ثقافة الذكورية من مجتمعات البداوة الجاهلية.

فحين خلق الله آدم وحواء متساويين في المكانة والكرامة وفي الحقوق والواجبات« اصنع له معيناً نظيره»« تك2: 18» و« معيناً» أي تساعد رجلها،و« نظيره» تعني المساواة التامة بينهما في القيمة الإنسانية، ولكن آدم خلق أولاً فهو« أصل ومصدر ورأس» الخليقة الإنسانية، بينما حواء خلقت منه فهي ليست مصدر الخليقة ولا رأسها،«لأن آدم جُبل أولاً ثم حواء»« 1تيموثوس2: 13»، فكما أن الأب ولد أولاً فهو الذي يعلم إبنه وليس العكس، كذلك آدم خلق أولا فهو من يعلم حواء ولكن ليس آدم أفضل من حواء ولا حواء أفضل منه لأنهما جسداً واحداً في الرب.

كذلك قطع الله عهده الأبدي مع أدم وليس مع حواء، حين أوصاه ألا يأكل من الشجرة المُحرَّمة«تك2: 16»، وبالتالي كان المسئول الأول أمام الله عن كسر العهد الإلهي هو آدم لأنه أصل ورأس الخليقة، لهذا عاقبه الرب قالاً: «لأنك سمعت لقول إمراتك وأكلت… » «تك3: 17» لأن الله خلقه وله السيادة وقيادة المسئولية بإعتباره أصل الخليقة، فكان عليه ألا يخضع لزوجته ويكسر العهد الأبدي الذي قطعه مع الله،فبدا واضحاً مشهد السقوط أن آدم وحواء لم يفهما الترتيب الإلهي الذي خلقهما الرب عليه حين خالفوا وصيته، لذلك قال الرب لحواء: «وهو يسود عليك» «تك3: 16» وليست السيادة هنا هو السيطرة والتمييز والأفضلية في القيمة والمكانة، بل أراد الرب أن يعيد الأمور إلى نِصابها بينهما كما خلقهما عليها، وهو أن لآدم سيادته وقيادة المسئولية كأصل الخليقة، بحسب الترتيب الإلهي لعملية الخلق.

لهذا بعد الخروج من الجنة علَّم الرب آدم كيف يقدم ذبيحة حيوانية كمحرقة كفارية للمغفرة، وكان آدم وأبنائه من الذكور« قايين وهابيل» «تك4: 4- 5» هم من يقدمون بخدمة الذبيحة ، وهذه كانت الملامح الأولى لخدمة الذبيحة المقدسة وتقديم القرابين،والتي رسخها الله ليقوم بها الرجل،ولم تذكر التوراة أن حواء وبناتها قاموا بتقديم ذبائح كفارية بالرغم أن حواء هي من أخطأت أولاً، ولكن لأن آدم أصل الخليقة فصار المسئول الأول أمام الرب، وجاء الكهنوت بصورة أوضح مع بداية خدمة ملكي صادق ثم سبط بني هارون«اللاويين» والمختص بالكهنوت ولم يكن بينهم إمرأة تكهن لا في خيمة الإجتماع ولا أمام تابوت العهد ولا في الهيكل المقدس، رغم أن الكتاب المقدس مملوء بشخصيات نسائية عظيمة، كُنَّ نبيات مثل «مريم أخت هارون» « خر15: 20» و« هَلْدَةَ النَّبِيَّةِ» «2مل22: 14» و«حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ»«لو2: 36»، ونساء قاضيات مثل «وَدَبُورَةُ زَوْجَةُ لَفِيدُوتَ» قاضية ونبية«قض4:4»، وجاء المسيح وأختار تلاميذه الأثنى عشر لم يكن بينهم إمرأة رغم أن «نساء كَثِيرَاتٌ كُانَّت تخْدِمْ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ»« لو8 : 2»،ونساء كثيرة كانت تخدم في الإجتماعات مثل حماة بطرس ومريم أم يعقوب ومريم أخت مرثا، رغم أن السيد المسيح أعطى كرامة للمرأة في كل المواقف المهمة في حياته، حين تجسد من نسلها وحين صُلب كانت المريمات واقفات عند صليبه وحين قيامته كانت المرأة « مريم المجدلية» هي أول من شاهدت قيامته وحملها رب المجد مسئولية تبشير باقي التلاميذ بقيامة السيد الرب، كذلك السيدة العذراء التي مكانتها في القداسة والكرامة تفوق مرتبة جميع القديسين والأنبياء فهي فخر جنس البشر، ولكنها لم تكن كاهنة.

فبحسب الترتيب الإلهي للخليقة جعل الله المرأة تخضع لزوجها أي لا ترأسه ولا تتسلط عليه لأنها خُلِقت منه ولأجله لكي تعينه ولكنها «نظيراً» له أي مساوية له، ففي الأصل لم يأتِ آدم من إمرأة ولا لأجلها: « لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل» «1كو11: 8- 9» ، فالرجل يسود المرأة في قيادة المسئولية ،لأنه رأس الخليقة وأصلها، لهذا في خدمة الكهنوت لايصلح أن يترأس «الجسد» الذي هو المرأة على «الرأس» الذي هو الرجل في خدمة 

الكهنوت والتعلُم والوعظ، لأن التعلُّم في الإجتماعات العامة وأثناء خدمة القداس هو عمل يحتاج لسلطان وقيادة، كذلك في قوله: «أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح و أما رأس المرأة فهو الرجل و رأس المسيح هو الله» «1كو11: 3»، ونحن في تقديم ذبيحة القداس نصلي للمسيح الذي هو رأس كل رجلٍ فلا يصح أن تقدم الذبيحة إمرأة مُتعدية الترتيب الذي رسمه الرب منذ بدء الخليقة وهو أن الرجل رأس المرأة و السيد المسيح رأس الرجل لا المرأة، وليس معني هذا أن الرأس مميز وأفضل من باقي الجسد، ولكن الرأس هنا يعني المصدر والأصل والقيادة والإتحاد، وعليه مسئولية القيادة لباقي أعضاء الجسد لتحقيق وحدة الجسد وإتحاد أعضائه، فلا وجود لرأس بدون جسد ولا لجسد بدون رأس، فليس معني أن رأس السيد المسيح هو الله الآب أن أقنوم الآب أفضل من أقنوم الإبن، لأنهما أقنومين متساويين في المجد الإلهي،ولكن تعني أن لكل أقنومٍ دوره الذي يميزه، كذلك الحال بين الرجل والمرأة لكل منهما دوره المكلف به من الله، فالمرأة «معيناً» للرجل أي تساعده ولكن لاتقوده ولا تتسلط عليه، لهذا يقول بولس الرسول في نهاية كلامه عن تساوي الرجل بالمرأة: «غير أن الرجل ليس من دون المرأة و لا المرأة من دون الرجل في الرب، لأنه كما إن المرأة هي من الرجل هكذا الرجل أيضا هو بالمرأة و لكن جميع الأشياء هي من الله»«1كو11: 11- 12»، ومن الناحية الكهنوتية فالسيد المسيح ليس فقط رأس كل رجل بل هو رأس الكنيسة كلها، والكنيسة تمثل أعضاء جسده المبارك، فهو رئيس الكهنة العظيم: « فاذا لنا رئيس كهنة عظيم قد إجتاز السموات يسوع إبن الله» «عب4: 14، 7: 23»، والكاهن هو نائباً ووكيلاً عن رئيس الكهنة العظيم الذي هو السيد المسيح ويستمد خدمته الكهنوتية منه، لهذا لاتصلح المرأة أن تحمل خدمة الكهنوت لتصبح هي الرأس في قيادة الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين والذين هم أعضاء في جسد المسيح، متعدية الترتيب الإلهي الذي أسسه الرب منذ بدأ الخليقة.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن البعض يُرجع رفض كهنوت المرأة هو قول القديس بولس الرسول لهذه الآية: «لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونا لهن أن يتكلمن، بل يخضعن كما يقول الناموس أيضا… لانه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة» «1كو14: 34- 35»، في هذه الآية كان يوصي بولس الرسول نساء كرونثوس الوثنيات حديثي العهد بالإيمان المسيحي اللاتي أعتدن علو صوتهن في طقوسهن الوثنية، حيث قال لهن قبلها: «لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلام» «1كو33:14»، فالصمت هنا للإنصات وعدم التشويش على سماع كلمة الله وفي حضوره الإلهي أثناء الصلوات والقداسات، أما قوله: « لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع، ولكن لستُ آذن للمرآة أن تعلم و لا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت» «1تيمو2: 11»، فالسكوت والخضوع هنا لايقصد منه صمتاً نهائياً للتحقير والتقليل من شأنها ومن دورها، ولكنه سكوت الخضوع الذي إرتبط بألا تعلِّم« تعليماً عاماً»وتتسلط على الرجل داخل الكنيسة، لأنه لو كان يقصد صمتاً نهائياً للتقليل من شأنها ماكان عاد ليقول: «و أما كل إمراة تصلي أو تتنبأ و رأسها غير مغطى فتشين رأسها »«1كو11: 5»، فمعنى« تتنبأ» أي «تُعلم وتعظ» فكيف كانت ستصلي وتعلم وتعظ وهي صامتة ؟! كذلك الله أعلن في نبوءة يوئيل أن المرأة ستتنبأ عندما يسكب روحه القدوس على كل البشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم «يوئيل2: 28»، وهي نفس النبوآة التي ذكرها بطرس الرسول يوم حلول الروح القدس على المؤمنين في اليوم الخمسين لصلب السيد المسيح: «يقول الله: ويكون في الأيام الأخيرة أني أسكب من روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم… وعلى عبيدي أيضا وإمائي أسكب من روحي في تلك الأيام فيتنبأون» «أع2: 17- 18»، الله أعطى موهبة التنبؤ للمرأة مثلها مثل الرجل وحتى الإماء سكب عليهن من روحه بلا تمييز، وخدمة التنبؤ تعني الوعظ والتعلم، إذاً السكوت هنا داخل الكنيسة أثناء الصلاة العامة وخدمة الكهنوت فقط وكان الغرض منه الخضوع للترتيب الإلهي الذي خلق الله عليه الرجل والمرأة، وتذكر الكنيسة الأولى أن المرأة صارت شماسة مثل« فيبي» خادمة كنيسة كنخريا «رومية16: 1» و« أوليمبياس» التي كانت شماسة للقديس يوحنا فم الذهب، والمرأة صارت إشبينة ومكرَّسة وراهبة ودارسة في كلية اللاهوت الأولى وخادمة في مدارس الأحد وكانت تقود الصلاة بين النساء وتتنبأ أي تعلم وتعظ النساء الموعوظات« حديثي الإيمان بالمسيحية» في الإجتماعات الفردية الخاصة بالنساء، ولكن ليس داخل الكنيسة أثناء خدمة القداس ولا تنبأ وتوعظ لعامة الشعب في الإجتماعات العامة، فالسيدة العذراء أم الرب يسوع تنبأت وكذلك تنبأت بنات فيلبس الأربعة «أع21: 9» ولكن لم يكن لهن دوراً في خدمة الكهنوت لأنه مستمد من الكاهن الأعظم السيد المسيح.

وعلى الإعلام المتأسلم الكف عن ممارسة إسلوب الوصاية والتدخل السافر في شئون الكنيسة وصُلب عقيدتها وأسرارها المقدسة، فإن كان تدخلهم وأثارة هذه المسألة بحجة المساواة بين حقوق المرأة والرجل، فكان الأولى بهم أن يطالبوا بأن تقود نسائهم إمامة الرجال في صلاة الجمعة بالمساجد، وإن كان هذا إستحالة أن يحدث،لأنهم تعلموا أن المرأة تقطع صلاة الرجل كالحمار والكـــــلب الأسود وتعلموا أن إلههم أخَّرهن عن الرجال «أخروا النساء حيث أخرهن الله» لأنه « ما أفلح قوم ولَّوا أمرهم إمرأة » !

 

أضف تعليق