ماهي الأسباب الرئيسية لإضطهاد المسيحيين ؟
Posted by maryhana في 17/11/2010
ماهي الأسباب الرئيسية لإضطهاد المسيحيين ؟
كتبها نافع شابو البرواري – قناة عشتار
الأربعاء, 17 نوفمبر 2010 11:19
لم تُحارب أيِّة عقيدة عبر التاريخ كما حوربت العقيدة المسيحية , وكان الشهداء بالملايين يروون بدمائهم الأرض ولا زالوا , لم يتعرض العالم عبر التاريخ كالأضطهاد الذي جرى ويجري للمسيحيين , لم يتعرّض للنقد والطعن ومحاولة تشويه الحقائق الألهية لأيّ كتاب عبر التاريخ كما تعرض الكتاب المقدس , هل هذا كُلُّه صدفة ؟ ولماذا هذا الحشد الهائل لقوات العالم لمحاربة المسيح والمسيحيين وكتابهم المقدس “بشرى الخلاص”.
“شاول شاول لماذا تضطهِدُني؟”أعمال 9:4”
هذا ما قاله الرب يسوع المسيح لشاول الطرسوسي (الذي أصبح أسمه بولس , بعد أهتدائه الى المسيحية) , الذي اراد هدم المسيحية ومحاربتها , ولكنه صار من أعظم الرسل في العهد الجديد يبشِّر بالمسيح القائم من بين ألأموات .
لقد كان شاول متديّنا وكان غيورا على عقيدته اليهودية حتى وصل الى مرحلة “الأصولية ” والحقد والكراهية للمسيحيين ( قبل دخوله المسيحية) وهكذا اليوم أصبح التدين الظاهري ألأصولي سببا رئيسيا لأضطهاد المسيحيين في الدول العربية والأسلامية .
ألسؤال المطروح لماذا يُضطهد المسيحي؟
عندما نستطيع ألأجابة على هذا السؤال عندها نستطيع نحن مسيحيي العراق خاصة ومسيحييي الشرق عامة أن نضع يدنا على حقيقة طالما تمَّ أخفائها , بتعمّد , أو جهلها من قبل الكثيرين ولكننا أذا راجعنا قراءة الكتاب المقدس بتأني ومراجعتنا لقراءة تاريخ الكنيسة (وحتى تاريخ البشرية) الزاخر بقصص الشهداء سنحصل على الأجابات الشافية لهذا السؤال . انّ طريق المسيحية ليس مفروشا بالورود وليس نزهة في مُرج من الزهور بل هو طريق مليء بالأشواك والآلام , لأنّ هناك تعارض بين عالمين ,العالم السفلي(عالم الشيطان) وعالم السماء (العلوي)” أنتم من أسفل أمَا أنا فمن فوق”يوحنا 8:28″ هذا ماقاله يسوع المسيح لليهود الذين كانوا يكرهونه لأنّه كان يفضح أعمالهم وسلوكهم الشرير . يسوع المسيح جاء الى هذا العالم فلم يقبله العالم ويقول لنا نحن المؤمنون به” ان أبغضكم العالم , فتذكروا أنّه ابغضني قبل أن يُبغضكم” يوحنا15:18 .
من أكثر ألأسباب الحقيقية والمنطقية لأضطهاد المسيحيين هي:
1_لأنَّ المسيحية تتبع حقائق الهية لا يستطيع العالم الخاضع لمملكة الشيطان أن يسمع أو يقبل أو يسمح لهذه الحقائق التي تفضح أعماله (العالم) الشريرة . انّ رفض سماع الحق , وأضطهاد الذين يحملون شعلة الحق , بدون أسباب مقنعة , ورفض الحوار بالكلمة والحجة بالحجة , ورفض الجلوس على طاولة واحدة وعلى الهواء مباشرة للتحاور من أجل أرساء المحبة والسلام وألأخوة الأنسانية هي من شيمة الذين يعملون في جنح الظلام ولا يستطيعون الخروج الى النور , ولا يحتملون الحقيقة الساطعة , لأنَّ نور المسيح يكشف الظلام الذي هم فيه ويعرّي حقيقتهم الشريرة . يقول الرب يسوع المسيح لتلاميذه موضحا لماذا يبغضه العالم فيقول:
” ……ولكنه(أي العالم) يبغضني لأنّي أشهد على فساد أعماله”يوحنا 7:7″, فلذلك لا يستطيعون مواجهة الحق وجها لوجه فيلجأون الى كُلِّ الوسائل الخسيسة والدنيئة والجبانة والمقيتة وهي الغدر والخيانة والكذب والنفاق والطعن من الخلف بخنجر ألسنتهم المسمومة واياديهم الملطخة بدم ألأبرياء لأنهم يفشلون في أقناع ألناس بالعقل والمنطق والكلمة الحرة , والغريب أن الكثيرين الذين يؤيدين هذا الفكر الشيطاني , ويسكتون أو يتعاطفون مع هذه القوات الظلامية , فهم يشاركونهم هذه الصفات الرذيلة بسكوتهم المطبق شاءوا أم ابوا بل هم من المنافقين الذين يخافون من مراكزهم المهزوزة ويساهمون في استمرار هذه الأعمال . انَّ الذين لا يريدون سماع الحق , والذين يخفون الشر في داخلهم وهم في اية لحظة يتحوّلون الى ذئاب مفترسة اذا سنحت لهم الفرصة وكانت الضروف مواتية , فهم في الحقيقة خلايا أرهابية نائمة كما في المصطلح الدارج في هذه ألأيام .
انَّ الشيطان وأعوانه يعلنون الحرب على أتباع المسيح في كُلِّ زمان ومكان (رؤيا 11) فقد كره الناس الرب يسوع المسيح كما كرهوا أيضا أتباعه وتلاميذه (“يوحنا3:13”) .
2_أنّ العالم يريد صياغة الله حسب قالبه الخاص , وحسب مايريدون هؤلاء ( من الله) وليس ما يريده الله منهم فألعالم يريد أن يُفصِّل الله على مقاييسه ويريد من الله ان يتبع نزوات هذا العالم وشهواته , ولهذا حارب رجال الدين اليهود (الذين كانون يتاجرون بالدين كما يتاجر اليوم الكثيرون من رجال الدين بالدين) , يسوع المسيح لأنّه قلب موازين هذا العالم عندما غير الكثير من القوانين والشرائع التي كانت تحكم الشعوب قبل مجيئه الى هذا العالم.
جاء المسيح ليضع القاعدة الذهبية (ألأيجابية ) التي تقول”.., كُلِّ ما تُريدون أن يُعاملكم الناس بهِ فعاملوهم أنتم به ايضا” بينما كانت القاعدة (السلبية) عند اليهود ولا زالت عند الكثير من الديانات ألأخرى والعالم (الذي يتعامل بالمصالح) تقول”لا تفعل بالآخرين ما لاتُريدُ أن يفعل بكَ”, ولكن الرب يسوع المسيح وضعها في صيغة ايجابية , فاضفى عليها معنى أقوى , فليس من الصعوبة أن نمتنع عن أذى ألآخرين , ولكن ألأصعب جدا أن نأخذ المبادرة في عمل شيئ صالح لهم , فهذه المبادرة هي اساس أعمال الخير والرحمة وهذا ما يصنعه الله معنا كُلِّ يوم (وهذا ما يفعله الكثيرون من المؤمنون والمنظمات ألأنسانية المسيحية) .
يقول الرب يسوع المسيح :
“هنيئا لصانعي السلام , لأنَّهم ابناء الله يُدعون”متى 5:9”
هنيئا للمضطهدين من أجل الحق , لأنَّ لهم ملكوت السماوات”متى”5:10
“أحبّوا أعدائكم , وصلّوا لأجل الذين يضطهدونُكم” متى 5:43″” هذه الآيات وغيرها هي تعكس طبيعة وصفات الله “محبة” لو طُبقت لعاش ألأنسان في ملكوت الله وهو على الأرض .
ولكن عبر تاريخ البشرية نشهد عن حروب وسفك دماء ودموع وأضطهادات ومآسي من أجل شهوات هذا العالم (المال السلطة الجنس) بينما الرب يسوع المسيح جاء ليقلب المعادلة (معادلة الشيطان) رأسا على عقب فبدأت منذ ذلك الوقت الحرب بين قوات الشر الروحية ورئيسها الأبليس وبين الرب يسوع المسيح وقواته والمؤمنون به والملائكة (رؤية 13 ) . فالحياة المسيحية هي جهاد روحي وحرب مستمرة ليس ضد الأخوة في الجسد والدم بل ضدّ قوات الشر الروحية.
انّ الله الذي أصبح عند الكثيرين من الناس (مع ألأسف) يتاجر بدماء خليقته لهو اله سادي مريض لا يرتاح الا بمشاهد الدم ولا يرتوي الا بدماء الأبرياء فهو كمصاص الدم (دراكولا) هذا هو اله الذين تجسّد فيهم الشيطان بكلّ معنى الكلمة , لأنّ الشيطان أستغلَّ عنادهم وكبريائهم وغرورهم وتحيّزاتهم ليمنعهم من معرفة الحقيقة . فعندما يعميه ألأنسان الحسد والكراهية فهو لا يرى أفعاله الشنيعة ضدَّ الله وضدَّ أخوته في ألأنسانية, اليوم أيضا هناك الملايين الذين لايقبلون النصيحة التي لا تتفق مع رغباتهم , وكُلِّ ما يعتقدون انّه ألأفضل لهم , فألأنانية والكراهية والحسد متى تُركت بدون أنضباط في حياة ألأنسان قد تؤدي الى أعظم الشرور وهي ألأنتقام والحقد والكراهية .
لقد حارب اليهود المسيحيين في بدايات انتشار المسيحية , وكذلك الوثنيون ولا زال العالم يحارب المسيحيون في أغلب بلدان العالم وخاصة في الشرق الأوسط بسبب مناخ ديني وأيدلوجيات وعقائد لا تعرف التسامح والحرية الدينية ولا تُقيم وزنا لحرية التعبير والراي والرأي الآخر.
3_ يسوع المسيح يقول للمؤمنين به أنّ العالم سيحاربهم لأنّهم ليسوا من هذا العالم “لو كنتم من العالم , لأحبكم العالم كُلِّهِ . ولأنّي أخترتُكم من هذا العالم وما أنتم منهُ, لذلك أبغضكم العالم “يوحنا 15ك18,19”.
أليس اليوم ونحن نعيش في مناخ ديني لا يستطيع ألأنسان الذي يعيش في الظلام أن يتعايش مع ألآخر , الذي يعيش في النور , لأنَّه لا يتحمّل وهج النور وسطوعه المنبعث من الآخر فيحاول اطفائه حتّى لا تنكشف أعماله القبيحة فالآخر هو مرات له تكشف جميع عيوبه , فيختار البقاء والعيش في عتمة الليل المظلم بدل الخروج من هذا الظلام ليتطهِّر بمصدر النور (يسوع المسيح) . لقد أختار الكثيرون بملء ارادتهم , أن يخضعوا لسلطان الظلمة (الشيطان) بدل الخضوع لسلطان النور(يسوع المسيح) . اليوم الكثيرون أنغلقوا على ذاتهم وعلى مصالحهم ألأنانية , فهم لا يعترفون الآ بالذين يسيرون في الخط الذي رسموه لنفوسمهم , فهم لم يقدروا أن يتعرَّفوا على العطيّة السخية الكبرى التي منحها الله للبشرية جمعاء الا وهي عطية الحياة ونعمة التمتع بها بسلام وفرح ومحبة , ولكن الكثيرون أختاروا الموت بدل الحياة والعيش في الظلمة بدل النور .
نعم لا زال هناك في هذا العالم من يصلبون المسيح في كُلّ يوم عندما يقتلون ويضطهدون المؤمنين به “فاذا أضطهدوني , يضطهدونكم , وأذا سمعوا كلامي , يسمعون كلامكم . هم يفعلون هذا كُلَّه من أجل أسمي”يوحنا 15:19”.
4_ السبب المهم أيضا لأضطهاد المسيحيين كما يُخبرنا الكتاب المقدس (وحتى علم النفس الحديث) هو الغيرة من المؤمنين (راجع سفر ألأعمال5:17,18″ , بما يرونه فيهم من السلام الداخلي والمحبة والأخوَة والفرح والأمانة والصدق والأخلاص والرجاء الذي فيهم بالأضافة الى أعمال الخير التي يقومون بها دون النظر الى الدين أو اللون أو الجنس , هذا بالأضافة أنّ المسيحيين (في الغالب) يتميّزون عن الآخرين بالتفوق العلمي والأبداع في جميع وسائل المعرفة بالأضافة الى السمو الأخلاقي ومحبة الحياة والثقة بالنفس والأنفتاح على الآخر , بينما الذين أختاروا السير في طريق فرض فكرهم ومبادئهم وعقيدتهم على الآخرين بالقوة فهم يشعرون بعقدة النقص والأحباط ويحملون أمراضا نفسية وعقد تربوية ينشأون ويترعرعون في بيئة تفوح منها رائحة الكراهية والحقد واليأس والأحباط , فيلجأون الى من يزرع فيهم أمل اخر (وخاصة لجوئهم الى رجال الدين) في الحياة الأخرى لتعويضهم عما يفتقدون اليه في هذه الحياة أنّهم كالمدمنين على المخدرات لا يستطيعون مقاومة الشر بل هم يغوصون أكثر فأكثر في وحل الخطيئة .
الكتاب المقدس يعلِّمنا دروساً عن نتائج البغض والحقد والمرارة والكراهية تتجسسّد بالكراهية للناس والجماعات التي تختلف عنهم في العقيدة أو الثقافة , وهكذا ظهر عبر التاريخ أشخاص وشعوب عنصرية تميل الى فرض العقيدة على ألآخرين بقوة السيف .
لقد كَره الناس الرب يسوع المسيح , كما كرهوا أيضا اتباعه وتلاميذه (1يوحنا3:13″) .
فقايين كره أخاه هابيل لأنَّ أعماله هو كانت شريرة فالحسد جرَّ قابيل الى أن يمارس ابشع جريمة وهي القتل , وهكذا الناس الذين يَحْيُون حياة الصلاح ونعيشونها يكشفون الآخرين ويخجلونهم , فأن كنّا نحيا لله فسيكرهنا العالم على الدوام لأننا نجعلهُ (أي العالم) مدركا دائما لطريقة حياته الفاسدة .
ماذا علينا نحن المسيحيين فعله؟
ألأضطهادات كبيرة , أيّام فيها نضعف ولا نستطيع التعامل مع الضروف وقد نحتاج الى أجابات لأسئلتنا والى قيادات روحية وتوجيهاً واضحاً , وفي صلواتنا نحصل على الكثير من ألأجابات لأنَّ الكلمة الحيَّة , كلمة الله تبدأ في هذه ألأوقات الحرجة , وأذا تمسّكنا بايماننا فأنَّ هذه المحن والتجارب تجعلنا أقوى , فنصبح راسخين في هذه ألأختبارات وأكثر ألتصاقا بالرب يسوع المسيح “ستبكون وتندبون وأمّا العالم فسيفرح . ستحزنون , ولكن حزنكم يصيرُ فرحا…. لا ينزعه منكم أحد “يوحنا 16:20,22”. نعم المستقبل قد لايكون كما يريده ألأنسان المؤمن , ولكن هناك الوعد العظيم بالرجاء للمؤمنين الحقيقيين يلطِّف ويخفف من الضيقات والألام.
التاريخ يعلِّمنا دروسا في الرجاء , ونحن المؤمنين ننظر الى الماضي وخاصة الى أحداث الكتاب المقدس , فتصبح لنا رؤية ووضوح وكشف عندما نبقى أُمناء على مبادئنا المسيحي
وكُلّما ضاقت بنا ألأرض وكثُر الأعداء علينا أن نقرا ونتأمّل في مزمور 142
“نظرتُ الى اليمين ورأيتُ فما وجدتُ من يعرفُني . لا مكان ألوذُ به , ولا أحد يسأل عنّي فصرختُ اليك ياربُّ , وقُلتُ أنت حَمايَ , وأنت نصيبي في أرض ألأحياء”مزمور142:5,6”
الأقباط الأحرار
اترك تعليقًا