مـــدونـــة الأوهـــام الإســلامـــيــــة

{ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ، يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا }يعقوب 20:5

“أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله” شهادة حق أم شهادة زور؟

Posted by الرب معنا في 20/09/2010


“أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله”

شهادة حق أم شهادة زور

حوار مع مسلم حول الشهادتين

 

“كيف أشهد بلساني بما لم تشهده عيناي؟” كان هذا هو ردّي على جاري المسلم الطيب الذي دعاني إلى قول الشهادتين.

رفع حاجبيه دهشةً وكأنه يدعوني إلى تقديم شيء من الإيضاح. فقلت له: “أخشى إن نطقت بالشهادتين أن أكون شاهد زور!”

أجاب معترضاً: “وكيف تكون شاهد زور وأنت تشهد بالحق؟”

فقلت: “كل من يشهد بما لم يره بعينيه يكون شاهد زور، حتى لو أكد آخرون أن ما شهد به وقع حقاً.”

 

وسألته: “هل يقبل قاضٍ شهادة شخص في حادثة لم يكن في مسرحها ولم يعرف أطرافها ولا ما دار فيها؟ قد يعبّر هذا الشخص عن اقتناعه الشديد بما يقول، وقد يسوق آراء شخصية وحُججاً تقدَّم بها هو أو غيره، وقد تكون نواياه صالحة، لكن لا يسع القاضي أن يعتبره “شاهداً”، اللهمّ إلاّ إذا كان ذلك على مستوى “شاهد ما شافش حاجة”. فشهادته بلا قيمة خاصة في قضية مصيرية، فكيف أبرّر شهادتي ولا أساس لها عندي؟”

قال جاري المسلم الطيب:”لا إله إلا الله – هل هذه شهادة زور؟ ألا تشهد أن لا إله
إلاّ الله؟”

قلت له: “لا!”

فجحظت عيناه دهشةً واستنكاراً.

فاستدركتُ موضحاً: “أنا أؤمن بالفعل بأن لا إله إلاّ الله، لكني غير مستعد لأن أشهد بذلك!”

قال: “هذا كلام متناقض تماماً!”

قلت: “التعبير عن الاقتناع العقلي والقلبي شيء، والادعاء برؤية موضوع هذا الاقتناع شيء آخر. فأنا أؤمن بوحدانية الله بكل قلبي وعقلي، لكني لم أرَ الله أو أشاهده لأشهد أنه واحد. وعندما أراه وأعرف أن له كيانا منفصلاً قابلاً للتحديد، سأشهد بذلك.”

قال: “يبدو أن لديك مشكلة في الاعتقاد بأن الله واحد.”

قلت: “إذا كان المقصود بأن الله هو واحد بالمعنى الرياضي، فإن هنالك مشكلة كبيرة بالفعل. فهذا التصوُّر لا يليق بالله العظيم الكلي الوجود. فإن كان واحداً بهذا المعنى الرياضي- وهذا أمر مهين له- فماذا يمنع أن نتصور أن هنالك آلهة أخرى كثيرة بالمعنى الرياضي أيضاً؟ وهذا ما لا أؤمن به. فأنا أرى أن الله أكثر بكثير من مجرد “واحد” بالمعنى الرياضي. فالمعنى الرياضي للعدد واحد يوحي بالنقص والمحدودية.”

قال: “وهل هنالك فَهم آخر لوحدانية الله؟”

أجبت: “نعم. هنالك فهم لوحدانية جامعة تلقي ضوءاً على كمال الله في ذاته وتشرح طبيعته.”

قال: “ألا يؤثر فيك سماع شهادة لا إله إلاّ الله من الجوامع ومحطات الإذاعة والتلفزيون وغيرها ليل نهار؟”

قلت: “أنا أسأل نفسي كثيراً لماذا يصر هذا الإله على أن يكرر الناس كل حين شهادة بدهية. فمن البدهي أن الله واحد. فهل يخشى هذا الإله على نفسه من التعدد؟ هل يوجد شيء يهدد وحدانيته؟” أليس هذا ضعفاً بالثقة بالنفس؟ وماذا تفيد شهادة بشر لاحول لهم ولا قوة؟

فأوضح قائلاً: “أنت تعرف أنه كان هنالك مشركون كثيرون في أيام الإسلام الأولى، وكانوا يؤمنون بآلهة كثيرة. فكان طبيعياً أن يؤكّد الإسلام على وحدانية الله.”

قلت: “إذاً لم تعد هذه الشهادة تعني شيئاً الآن. فهي لا تصلح لكل زمان! لكن أؤكد لك مرة أخرى أني أومن بإله واحد فقط.”

قال: “وهذا هو ما أعنيه. فحين أقول “أشهد” فإني أعني “أؤمن”. فلا خلاف إذاً.”

قلت: “لكل كلمة دلالتها، ولهذا يجب أن تحمل الكلمة المستخدمة الدلالة المقصودة السليمة دون زيادة أو تحريف. فلكلمة “الإيمان” دلالتها، ولكلمة “الشهادة” دلالتها، ولا يجوز الخلط بينهما.”

قال: “ماذا تقصد؟”

أجبت: “علينا أن ننتبه لما نقوله لنعرف إن كنّا نعنيه. فأنا أخشى أن كثيرين من الذين ينطقون بالشهادتين لا يفكرون بما يخرج من أفواههم”.

قال: “لكنك لن تستطيع التهرب من سؤالي. ماذا عن الشهادة الثانية- وأشهد أن محمداً رسول الله؟”

قلت: “سأجيبك على أساس نفس المبدأ. يصعب علي أن أقدم هذه الشهادة لأني لم أر الله ولم أسمعه وهو يختار محمداً رسولاً. ولهذا فإن شهادتي ستكون بلا قيمة، أو ستكون ذات قيمة سلبية. فإذا كان نبياً حقاً، فإنه لا يحتاج إلى شهادة ضعيفة مني.”

قال: “لكن ألا تشهد أنت أن المسيح هو ابن الله، بغض النظر عن معنى ذلك؟”

قلت: “لا أنا لا أشهد أنه ابن الله ! فأنا أؤمن فقط أن المسيح هو ابن الله، ولا أستطيع أن أشهد بذلك. فليست الحقائق الإلهية متاحة للرؤية دائماً. وقد قال السيد المسيح: “طوبى لمن آمن ولم يرَ.”

قال وكأنه وجد ضالته: “ونستطيع نحن المسلمين أن نقول نفس الشيء. فليس إيماننا ذا مصداقية أو مشروعية أقل من إيمانكم”.

قلت: “الإيمان المسيحي مختلف، لأنه مبني على تاريخ طويل من كلمة الله التي جاء بها الأنبياء قبل المسيح. وهو إيمان راسخ لأنه يشكل استمراراً وتواصلا لنفس رسالة الإيمان. فهو إيمان مدعوم من كلمة الله نفسها. وهو مدعوم من التاريخ نفسه، لأنه يقوم على حقائق تاريخية، لا على خرافات مفبركة. وهو يقوم أيضاًً على قوة المسيح الذي يدخل حياة الناس ويغيّرها.”

قال: “وكتابنا يشهد لكتبكم، وإيماننا يقوم على كتبكم، لكنك تعلم أنها حُرِّفت”.

قلت: “لا! لا أعلم أنها حُرِّفت، ولا تستطيع أن تثبت أنت ذلك. وليس هذا موضوعنا الآن. لكن إذا كان إيمانكم يقوم على كتبنا التي تقولون إنها محرفة، فإن هذا يعني أن إيمانكم يقوم على باطل, أليس كذلك؟ فأنتم تطعنون في كتابكم من حيث لا تدرون. وهذه إشارة أخرى إلى أن كثيرين منكم لا يفهمون ما يخرج من أفواههم.”

قال: “لكن أليس لديكم في كتابكم المقدس شيء شبيه بالشهادتين في الإسلام؟”

قلت: “الشاهد الحقيقي حسب الكتاب المقدس هو الله نفسه، فهو يعرف ما يشهد به.” أنا العارف والشاهد، يقول الرب”(إرميا 29: 23). وتصف كلمة الله المسيح بأنه “الأمين، الشاهد الأمين الصادق” (رؤية 3: 14). ويقول المسيح: “أنا هو الشاهد لنفسي” (يوحنا 8: 18). فهو يعرف أنه الحق، ولا ينتظر شهادة من أحد لكي يرتفع مقامه أو تتعزز مصداقيته. إذ تكفيه شهادة أعظم: “الآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي” (يوحنا 5: 37).

قال: “وما هي فحوى الشهادة هذه؟”

قلت: “نحن لا نعوّل كثيراً على شهادة بشر بشيء. فهم محدودون، وقد يخطئون وقد يصيبون. وما يهم هو شهادة الله نفسه. اسمع ما يقوله الرسول يوحنا بوحي الله: “إن كنا نقبل شهادة الناس فشهادة الله أعظم، لأن هذه هي شهادة الله التي قد شهد بها عن ابنه. من يؤمن بالابن، فعنده الشهادة في نفسه. من لا يصدق الله، فقد جعله كاذباً، لأنه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه” (1يوحنا 5: 9-10).

قاطعني قائلاً: “ولكن أين هي الشهادة؟ بماذا يشهد الله؟”

قلت: “ها هي: “وهذه هي الشهادة: أن الله أعطاة حياة أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة”.

قال: “وماذا يعني هذا؟”

قلت: “يعني هذا أن الله يشهد بأنك إذا آمنت بالمسيح ودعوته إلى الدخول إلى حياتك، فإنك تحصل على حياة أبدية. فهذه الحياة الأبدية هي في المسيح نفسه، ولا يعتمد حصولك عليها على مؤهلاتك، ولا يحول دون حصولك عليها كثرة خطاياك السابقة. فقدرة المسيح المطلقة على الغفران وإعطاء الحياة الأبدية هي جوهر المسألة. ولا يوجد طريق آخر عند الله.”

قال: “وهل هذا يطمئنك إلى أن لك حياة أبدية؟”

قلت: “إن لم أصدق الله، فمن أصدق؟ فالله يريد أن يعطينا سلاماً حول مصيرنا عندما نؤمن به. ولا يجوز أن يبقينا الله في حيرة من مصيرنا. فما الفائدة من اتِّباعنا له؟ لهذا يقول الرسول يوحنا بوحي الله: “كتبت هذا إليكم، أنتم المؤمنين باسم ابن الله، لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية، ولكي تؤمنوا باسم ابن الله” (1يوحنا 5: 13). أعتقد أن هذه شهادة يعوَّل عليها.”

قال: “فهل تشهد بها؟”

قلت: “أنا أعبّر عن إيماني المطلق بشهادة الله. فما دام هو الذي يشهد، فمن أنا حتى أكذبه؟ وأنا أستطيع أن أشهد بما اختبرته شخصياً عندما آمنت بالمسيح ودخل حياتي. فقد أجرى في حياتي تغييرات رائعة كثيرة، ولَمَسْتُ بفرح آثار تدخُّله في حياتي. لكن سيأتي ذلك اليوم الذي سأراه فيه وجهاً لوجه حسب وعده.”

قال: “هذه أمور تحتاج إلى كثير من التفكير.”

قلت: “فعلاً. فمصير الإنسان الأبدي ليس مسألة يمكن تجاهلها!”

أضف تعليق